لماذا سيروس ؟
تحول الإعلام خلال السنوات الماضية ضمن حلبة الصراع السوري لواحدة من بين أهم أدوات الحرب. لا بل وربما أخطرها وأشدها فتكا. حيث عمل بقوة على زيادة حدة التشققات البينية داخل المجتمعات المحلية وكرس المناطقية. وساهم بتوسيع الهوة بين المكونات. يضاف لما سبق انه عمق حفرة المشكلات عوضا عن ردمها. ولم يكن له من دور يذكر في النقد والمراجعة وتفكيك الكثير من الظواهر السلبية. لا بل على عمل تحويلها إلى قيمة لا يمكن التنازل عنها. بالمقابل بدا عاجزا عن المساهمة في بناء الوعي معتبرا أن مهمته طائفية أكثر من كونها وطنية. لذا أغلق أبوابه ونوافذه أمام الكفاءات الأكاديمية التي لم تصطف داخل منظومة الصراع. والطامة الكبرى أن هذا الإعلام استعار واستعان بمفردات شعبوية في خضم خوضه للتجاذبات و التناحرات. مما زاد في الطين بلة.
وإذا كان النظام قد احتكر وصادر على مدار نصف قرن كل الوسائل الإعلامية وحولها لأداة وظيفية لاستلاب إرادة الشعب السوري عبر لغة إعلامية ديماغوجية ومضللة بهدف ديمومة سلطتهَ الأمنية. فإن إعلام المعارضة التي احتكرت المشهد السياسي استعانت بذات المصطلحات والايحاءات الرمزية. وتناولت الأحداث و المواضيع بطريقة مصمتة وسطحية. نتيجة استخدامه معايير( ثورية) وفق منظوره. لذا اختار السير باتجاه واحد وبما يتماشى مع التابوهات السياسية التي حددتها قيادات (دينية) مسلحة. وكان البعض منها في حقيقة الأمر مجرد نسخة معدلة عن التي منحها النظام حصانة وقداسة.
ورغم الكلف التي تكبدتها المنظمات الدولية لرأب الصدع. والنهوض بإعلام حر لكن تلك المحاولات فشلت وصرنا أمام نسخة جديدة من إعلام شمولي وظيفته التعبئة والتجييش.
واستخدمت مفردات التكايا الدينية في مراحل كثيرة. دونما حرج ولا وجل. وروج على سبيل المثال وليس الحصر. توصيفات مثل المجاهدين عوضا عن الثوار. وجلب بعض صحافيي المعارضة من بطون كتب التاريخ مسميات عفى عليها الزمن. من قبيل الروافض والنصارى. وتورط طرفا النزاع في إنتاج مزيج ترويجي مبطن بالكراهية الطائفية. لكن الأسوأ والأخطر من كل هذا كان تعميم مفردات كريهة بغرض النيل من تماسك المكونات السورية. كما هو حال تسويق مفردة الانفصاليين وإلصاقها بكرد سوريا. وتحت هذه الحجة والذريعة لا يزال نزيف تهجير سكان منطقة عفرين مستمرا على وقع جرائم الحرب اليومية .
لذا يأتي موقع سيروس بكل عزم وجدية. رغم شح الإمكانات. لأن يكون محاولة ومساحة للسوريات والسوريين من الوطنيبن المهمشين ضمن المشهد المهول. بهدف تأسيس منبر حر يكون بمثابة مساحة لضحايا العنف بكل انواعه. بغض النظر عن هوية مرتكبيه. ونافذة لكل من ينشد التغيير. وبذات السياق تسعى هيئة تحرير سيروس للمساهمة قدر الإمكان لإنتاج لغة إعلامية تحمل بذور التصالح والتسامح. بدل الشك والريبة والكراهية. لغة منحازة للحقيقة ولا تستعير أدوات الجلاد في المحاسبة والتقريع والتزييف والمواربة. تنصف الضحايا وتتحمل وزر هذا الإصطفاف دون تردد أو خوف.